Sunday, February 2, 2014

بَهَاءُ الغَزَالَةِ


بَهَاءُ الغَزَالَةِ
محمد إبراهيم عمر
________________________

سَافَنَّا الغِيَابِ
الغَزَالَةُ يَا إِلَهِي
عُيُونُ الرَّاكِضِ وَمُسُوحُ مِسْكِ البَهَاءِ
حَدَائِقُ بَابِلِنَا المُعلَّقَةُ بِهَذَا النَّبَاتِ وَارْتِجَالُ الحَسرةِ
الغَزَالَةُ فِي يَنَابِيعِ الأُغْنِيَةِ
تَهْرُبُ فِي الوِهَادِ مِنْ تَوَحُّشِ الغَرِيزَةِ بِسَاقَيْنِ من رُعْبِ البُكَاءِ.

فَبِأَيِّ آلَاءِ الغَزَالَةِ أَغْرَقُ فِي ابْتِهَالَاتِ النَّشِيدِ
بِمُغَازَلَةِ الضُّوءِ لِلَمَعَانِهِ
بِتَوَقُّدِ الأَشْعَارِ ابْتِلاءً
وَتَيَبُّسِ مَاشِيَتِي فِي مَرْعَى الصَّدِيقِ.

الغَزَالَةُ يَا مَحَبَّةَ اللهِ للطَّبِيعَةِ احْفِرِينِي نُقُوشَاً فِي العَتَامِير. فِي بَهْوِ الذَّاكِرَةِ أَدْخِلِينِي عَكْسَ مَسَامِنِا بِمَسَارِ الحَيَاةِ وَجَرَادِقِ العَصَافِير. أَوْقِفِي سَرَيَانَ شَلَّالَاتِ الدَّمِ اُهْرُبِي يَتُهَا القَافِيَة. يَا جَرَّةُ السُّكْسُكِ فِي الأَوْدِيَة. وسيري يَتُهَا البَادِيَة. وأطْعِمِينِي حَشَائِشَ الأوْرِدَةِ وَمَوْزَاتَ رُوحِيَ الكَاذِبَة.

وَأُنَاجِيكِ يَا جَنَازَةَ الأَشْوَاقِ
يَا سُرَادِقَ اللُّغَةِ المُرِيبَةِ، يَا انْتِبَاهَ الضَّائِعِينَ للوَقْتِ
وَالْقِطْعَةُ البَالِيَةُ فِي الغُصْنِ المَائِل للحَبِيبَةِ
يَا.. غُرْبَةَ القَّلْبِ فِي دَمِ العُشَّاقِ أُنَاجِيكِ.. وَبِاحْتِوَاءٍ لَا يُطَاقُ، كَالْتِصَاقِ الجُرْحِ فِي جَفْنِ الخَلَايَا
وَأُغَامِرُ بِالبَقَاءِ كَرَعْشَةٍ لَا تَرَى قَطْرَةً مِنْ نَدَى فِي مُخَيِّلَة العِنَاقِ.

خَرِيفُ المَحَبَّةِ
وَالحَبِيبُ فِي تَوَدُّدِ الحَبِيبِ..
إِنَّهُنَّ " الْأَعْلَوْنَ" وَافِرَاتُ المَعَادِنِ لَاعِبَاتُ النَّصِيبِ العَالِيَاتُ المُذِلَّاتُ مُضَيِّقَاتُ الرَّحِيبِ مِنَ الأَسْئِلَةِ تَمَادَيْنَ فِي الانْسِحَابِ المُؤَجَّلِ كَهْرَبْنَ الجَسَدَ وَأَرْهَقْنَ المُقَدَّسَ وَأَبْدَيْنَ مِنْ ضَربَاتِ الزَّمَنِ مَا يُخْفِي الجُرَابُ الكَئِيب.
أَقُولُ لِلحُرُوفِ فِي كِتَابِ الحَبِيبَةِ: أَيْقِظِينِي وَاجْعَلِينِي مَرَايَا لأَكُون الظِّلَّ فِيهَا وَمَوْجَةً لِلمَجَازِ. أَرِينِي هُطُولَ انْسِيَابَكِ أَوْدِعِينِي أَسْرَارَكِ كَمَا أَشَاءُ، أَخْبِري غُصْنَكِ بِخُضْرَةِ أَحْلَامِنَا اغْرِسِينَا عِشْقاً بيْنَ تَرْنِيمَةِ الصَّبَاحِ وَشَقْشَقَةِ نَوْرَسِ الفَنَار وَأَرْجِعِي الغَيْمَ وَالنَّبْضَ كَرَّتَيْنِ حَتَّى أَرَانِي أُغَيِّرُ فِيكِ سَاحِلَ البَحْرِ وَأَمْزِجَةَ الحَرَازِ.
لَكِنَّنَا خَرَسَانَةُ الأَسْطَرَةِ مُنْذُ أَوَّلِ البَنَاتِ إِذْ نَأْبَى تَقْطِيعَ أَوْصَالِنَا وَأَصْلُنَا الثَّابِتُ جَنَّةُ المُحَرَّمَاتِ وَمِعْمَارُ أَنْقَاضِنَا فِي السُّلاَلَةِ المُتَأخِّرَةِ. لَوْ أَنَّ البَعِيدَ مِنْ صَمِيمِهِ الْتَوَى وَطَارَ بِعُصْبَةِ النَّوَى لارْتَفَعْنَا بِأَبْصَارِ لَحْظَاتِنَا: طَائِرَاتُ أَحْلَامِنَا الوَرَقِيَّةُ حِينَ أَمْسَكَ الطِّفْلُ فِينَا وَأَدْنَانَا بِخيْطِ الهَوَى وَأَعَادَ طُيُورَنَا للثَّرْثَرَة.
27 /28 يناير 2014م

الوَحِيدَةُ السَّاحِلِيَّةُ


الوَحِيدَةُ السَّاحِلِيَّةُ
محمد إبراهيم
_______________________

أَقُولُ لِلوَحِيدَةِ
أَنَا نُطْفَةُ رُوحكِ التَّائِهةِ.. شَغَبُ أَسْئلَتكِ فِي الطُّفولَةِ
خُروجُكِ مِنَ الْبَيْتِ مُتَأَبِّطَةً حَقِيبَةَ الأَمَلِ، وَعَوْدَتُكِ بِأُخْرَى.
تَقُولُ:
وَمَا الحُبُّ فِي الغُرْبَةِ؟
أَقُولُ: العِطْرُ لَا يَأبَهُ لِلمَكَانِ، يُخْرِجُ كَمَانَهُ وَيُغَنِّي..
فَتَتَأَرْجَحُ الغَيْمَاتُ فِي قَلْبِي
يَتَقَطَّعُ الحَنَانُ فِي جِدَارِهِ
وَطِفْلَةُ الفَضَاءِ تُلَوِّحُ لأُمِّهَا الأَرَضِ
فَيُنْزِلُنَا الغَيْثُ وَنَمْضِي.
وَنَمْضِي إِلَى عِرْفَانِ أَشْوَاقِنَا
تُسَبِّحُ الَّلوْحَةُ بِرَعْشَةِ الَّلوْنِ وَيَغْزِلُنِي السُّؤَالُ.

أَقُولُ لِلوَحِيدَةِ:
نَحْنُ القِرَاءَةُ الخَاطِئَةُ.. البَوْحُ المَجْرُوحُ وَالثِّقَةُ البَاطِلَةُ
نُمَزِّقُ دَفْتَرَ الأَلَمِ وَتُبْهِجُنَا الكَلِمَةُ النَّازِحَةُ
نَتَقَاسَمُ الحُزْنَ وَالرَّهَافَة..
تُهَنْدِسُنَا الفَوَاتِحُ بَالَّلوْحَةِ الثَّائِرَة.
وَأَشْدُو مُذْ غَيْمَتَيْنِ تَعْبُرَانِ البَّحْرَ للبنتِ السَّاحِليَّةِ
أَيُّنَا عُصْفُورَةٌ فِي سَرْجِ الرِّيَاحِ
تَخْفِقُ في صَدَفِ المِيَاهِ،
وَبَيْنَمَا نُغَنِّي..
كَانَ المَكَانُ يَتَأَوَّهُ، وَالمَسَافَةُ فِي صَمْتِنَا تَنَازُلِيَّة.
أَغْتَاظُ وَأُسَامِرُ الَّليْلَ
أَقُولُ يَا نَفَسُ.. يَا رِيعَان النَّبضِ في النَّدَمِ
الحُبُّ خِطَابٌ.. وَوَحْدَهُ الأَلَمُ يَشْجُبُ الأَلَمَ.

وَأَقُولُ يَا أَنْفَاسُ:
أَنْفَاسُ الحَبِيبَةِ مَسْأَلَةٌ
تُنَاغِمُ مُوسِيقَانَا، تَبْعَثُ فِي حَلاوَةِ اليُتْمِ
مَرْجَانَ الخَيْبَةِ وَمَهْرَجانَ الأَلَقِ
كَرْنَفَالَ الانْتِقالِ.. شَاعِريَّةَ التَّصَاويِرِ
وَجْهَكِ الَّذي يَتَجَنَّبُ مَرَارَةَ الأَسْئِلَة.
وَعَيْنَاهَا الذي أراني
صَوْتُهَا يَكْفِي لِأَنْ يُذِيبَ رُوحِي
وَأَنْ يُفْقِدَ أَحْلَامِيَ البَوْصَلَة.
صِرْنَا شُهُودَاً في المَرْحَلَةِ
ذُبْنَا فِي نُونِ الكَيْنُونَةِ
كُنْتُ افْتَرَضتُ ذَوَبانَ الحَواجِز..
اِئتلَاقَ رُوحَيْنَا وانْجِذَابَنَا للمخْيِّلَة.
يُقَالُ: "مِنَ الحُبِّ مَا قَتَلَ"
ذلك القَتِيلُ قَتَلَهُ صَبْرُهُ الجَمِيلُ
كَتَبَ وَصِيَّتَهُ، لكنَّ الهَوَاءَ لَمْ يُتِح لَنا فُرصةَ أَنْ نَقْرَأهَا..
لذا.. كيوبيد يَجْعَلُنَا نَتَكَبَّد العَاطِفَة.
21. يناير 2014م.

الغِطَاءُ

الغِطَاءُ
محمد إبراهيم
________________

الغِطَاءُ..
هوَ انحيازُك للرُّوحِ.. عودةٌ لجَنِينِيَّةٍ أَرْحَبَ..
وَالبَحْثُ عَنْ أُمومةٍ ضَائِعَة.
هوَ أَنْ تُقَاسِمَ حَبيبَتَكَ تَنْهِيدَةَ الصَّبَاحِ وَرَهَقَ المَسَاءِ.

الغِطَاءُ.. أَنْ تَكُونَ رَحِيقَاً فِي غِلَالَةِ الوَرْدَةِ
وَضُوءَاً فِي السَّمَاءِ.
الغِطَاءُ هُوَ الرَّجَاءُ الأَوَّلُ لِلخُرُوجِ
وهوَ الأَوْبَةُ للرِّحمِ فِي طُفُولِةِ النِّدَاءِ.

الغِطَاءُ هوَ الفَزَعُ والأَلَمُ المُتَنَاهِي
وَجذْوَةُ أَنْ تَكُونَ بَعْضَ أَجْزَاءِ التَّصَاريفِ المعْوَجَّة
لتَدْبيرِ الهَوَاءِ.
الغِطاءُ هوُ مَدِيحُ الماءِ كونِهِ ثَلْجَاً
وتغضُّنُهُ للسِّيولَةِ وَلا عَزَاء.
هوَ نَسيجُ الطُّيُورِ فِي السِّرْبِ
والأَمانُ المَفْقُودُ وَصَوْتُ الوَجْدِ وَتَعدُّدُ الأَصْدَاءِ.

الغِطَاءُ بَذَارُ رُوحِكَ فِي الَّليْلِ
وَغَرْسُ جَسَدِكَ في الحَيَاةِ..
وقِطَافُكَ ثَمَرةَ الحواسِّ فِي غَسقِ الصَّباحِ دونَ حَياءٍ.
الغِطَاءُ انْفِتَاحُ الرَّغْبَةِ وتسلُّقُ جِبالِ الأهْوَاءِ.
هوَ الهُويَّةُ والخَصِيصَةُ الدَّقِيقَةُ للحُبِّ
وتَجَدُّدِ الأَعْبَاءُ.
الغِطَاءُ فِي آخِرِ الأمْرِ.. غِطَاءٌ.